على هامش الألم


كنتُ وما زلتُ أكرر موقفي وموقف التيار الذي أنتمي إليه بأن أي "حل" في سوريا هو حل سياسي حكماً، وأن مثل هذا الحل لن يهبط من السماء، ولن يصنعه لنا الآخرون، بل يحتاج إرادةً سوريةً بالحد الأدنى لدى من يحتل المنابر الإعلامية وغيرها ... وأن أي تعويل على السلاح هو فقط زيادة عبثية ومجانية في المقتلة والخراب دون أن تنعكس إيجاباً على الشعب والوطن ... وأن أي تعويل على ما يسمى "أصدقاء سوريا" ليس سوى كذبةٍ سمجةٍ لا يصدقها سوى السُّذج أو الأغبياء أو اللصوص ... وأن الشأن السوري يحتاج حنكةً في قراءة المتغيرات الإقليمية السريعة خاصة مع إشباع الساحة بالتطرف الإسلاموي (وهو بالنسبة "لأصدقاء سوريا" أولوية تعلو على سوريا وشعبها). لكن كثيراً من "المعارضين الثوار" كانوا مشغولين بالتباكي والندب على الضحايا الذين أسهموا في جعلهم ضحايا. كانوا مشغولين في تخوين كل صوت عاقل. كانوا مشغولين في حقن المكلومين بجرعاتٍ زائدةٍ من الحقد والغضب (وكأن ما حلَّ بهم لا يكفيهم). كانوا مشغولين في تشكيل شبكات من التسلق والسرقة والعبث وشراء الذمم ... كانوا مشغولين بكل شيءٍ إلا الوطن ... فهم، بمعظم أطيافهم السياسية والمسلحة، مجرد صورةٍ مرآتيةٍ للنظام المنحط الذي انتفضنا في وجهه ...

الآن وزير خارجية إحدى أهم الدول الإقليمية التي رَعَتْ أطيافاً محددة من المعارضة التلفيزيونية يقول إن "الحل في سوريا سياسي" ... الآن ستبدأ الجوقة التي كانت تشتم وتخوّن السوريين الذين قالوا هذا الكلام قبل هذا الخراب العميم، الآن ستبدأ هذه الجوقة ذاتها بتمسيح الجوخ لأولياء النعمة ... نوع من النفاق وتهافت الحس الوطني (باعتبار أن كلمة وطنجي أصبحت شتيمة في عرف هؤلاء).

فعلاً كما يقال مزمار الحي لا يطرب، والجموع القطيعية ومن يقودها من "رعاع ربطات العنق والفنادق" لا يملكون سوى ذاكرة مثقوبة كالسمك، ويفتقدون أبسط شروط المحاكمة في أمور الوطن والناس ... لكن تذكروا أن التاريخ يسجل ... وأن سوريا تسجل ... وأنكم ستدخلون مزبلة هذا التاريخ مع هذا النظام المستبد المنحط، حتى لو جلستم مناصفةً على كراسي الحكم أنتم وميليشياتكم بكل مسمياتها ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق