عرّابو السلاح وفصام التحرير والتطهير

صورة أليمة من مجازر حلب المرتكبة من قِبَل قوات النظام ببراميل الديناميت

تمنيتُ لو أن المنافقين من عرّابي سلاح التحرير أو التطهير كانوا، للحظاتٍ، متصالحين مع أنفسهم: فدعوات التحرير والتطهير بهذه الطرق الهمجية والوحشية، ووسط تجمعات المدنيين، تعني حتماً أن أرواحاً بريئةً ستُحصد بالمجان. لسان حال عرّابي السلاح: هذه حربٌ، وللحرب ضريبةٌ يجب أن تدفع (هكذا)! وعليه فتشجيع التحرير والتطهير هو موافقةٌ ضمنيةٌ على هذه الضريبة: مُجَرَّد خسائر بشرية خدمةً لضرورات المعركة؛ أشلاءٌ ممزقة، أطرافٌ مُقَطَّعَة، مخيمات اللجوء، قوارب الموت، تشرد ونزوح، خراب عميم، جيلٌ ضائع.
طالما تدركون ضمنياً كل هذا، فلماذا بربكم التباكي على الدماء يا من كنتم، سبباً مباشر أو غير مباشر، في سفك الدماء؟ تَبَاكِيكُم على الضحايا مقرفٌ، وندبكم أجوف، ودموعكم كاذبة، ومواقفكم مزيجٌ من الحقد والفصام. المراهقة والحماقة داءٌ مدمرٌ حين تعلو فوق صوت العقل، حين تنطق في شأن الناس، وحين تعطي رأياً فاسداً في مصير الوطن.
هل أوقف السلاح المقتلة؟ هل حقن السلاح الدماء؟ هل خفّض السلاح عدد الضحايا؟ هل بنى السلاح الوطن؟ هل خلصنا من الفساد والفقر والتخلف؟ هل رفع مكانة سوريا؟ هل أعاد للإنسان السوري مكانته التي يستحقها؟ هل أسقط السلاح المؤامرة الكونية أو أسقط النظام؟ ما هي هذه السلطة التي تستحق كل هذا؟ ما هي هذه الثورة التي تستحق كل هذا؟
اصمتوا، إلى أن تمتلكوا الشجاعة للإجابة عن هذه الأسئلة. اصمتوا، ودعوا الضحايا من المدنيين البسطاء والفقراء يرحلون عنا. اصمتوا. ولا تلوثوا ذكراهم بصراخكم الكريه، فمن القباحة والنفاق نَدْبُ ضحيةٍ أسهمتم في ذبحها.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق