عيدٌ جديدٌ يُقْبِلُ علينا، فكل عام وأنتم بخير.



عيدٌ جديدٌ يُقْبِلُ علينا، وشرائح واسعةٌ من السوريين مُشَتَّتَةٌ بين مشردٍ ونازحٍ ولاجئٍ وجريحٍ ومعتقلٍ وضحية. سوريون منشطرون بين قاتلٍ ومقتول، بين طالب ثأرٍ وطالب ثأر، بين من مات، وبين من يعيش موتاً بطيئاً تحت الحصار والتجويع والفقر والمرض، بين من ينزف دماً، وبين من يتاجر بالدم الذي ينزف.
عيدٌ جديدٌ يُقْبِلُ علينا، والعَبَثُ يَعِيثُ فساداً في أرضنا، والقصف والذبح المجاني غايةٌ في حدِّ ذاته، وكأن أهوال العامين الماضيين لم تُشْبِعْ تجار الدم والمزاودات، وعبيد شهوة السلطة ممن يَتَشَبَّثون بالكرسي أو يحرقون وطنهم وشعبهم من أجل البقاء عليه، أو الحصول عليه.
في سوريا كارثةٌ إنسانيةٌ ووطنيةٌ تسقط أمامها الخطابيات الجوفاء، وشعارات النجوم الإعلاميين، وأحاديث الانتصار. كل هذا لا يمكن أن يعادل بكاء يتيمٍ أو مشردٍ أو أمٍّ ثكلى.
وسط هذا الألم، يُقْبِلُ العيد علينا، فعسى أن يوقظ الضمائر النائمة، ويخمد أصوات الرصاص والمدافع. عسى أن يقصَّ على أسماعنا ملحمة الفداء، قصة الرمز الجليل، ذاك الذي خلّص الإنسان من قتل الإنسان: سيرةٌ قرآنيةٌ إبراهيميةٌ فيها من الموعظة والعمق والحكمة ما يدفع من يستوعبها إلى حقن كلِّ دمِّ قربةً إلى الله (بعيداً عن بهائمية من يلوِّث "الله أكبر" جهلاً وظلماً بعد أن يستند إلى مزيجٍ تافهٍ ومتهافتٍ من العنصرية والدُّونية والكِبَر).
يُقْبِلُ العيد علينا ليذكرنا أن في هذه الأرض ما يستحق الحياة، وأن هذا الشعب يستحق الحياة، وأن الحياة مستمرةٌ رغم أنف القتلة والمجرمين.
كل عامٍ وأنتم بخير بمناسبة عيد الأضحى المبارك. أعاده الله علينا وعليكم وعلى بلادنا باليُمْن والخير.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق