سؤال المؤيدين والمعارضين: لماذا تأخر النصر؟



يدان من بلادي للفنان ديلاور عمر

الكلمات التالية موجهةٌ إلى أولئك المؤيدين الذين استيقظت روحهم الوطنية فجأةً، وبانَ حرصهم على الدم السوري الذي سيسفك بالأسلحة الأمريكية، دون أن يُظهروا أدنى مبالاة بالدم السوري الذي يسفك بالأسلحة السورية منذ انطلاق الانتفاضة، ودون أن يستوعبوا أن الوطن لا يختصر في "شخص"، وأن نهج "القيادة الحكيمة" لا يَمُتُّ إلى الحكمة بِصِلَةٍ، وأن الاختباء وراء مصطلح الوطن يفقد معناه حين يغدو الوطن جحيماً ومقبرةً لأبنائه.   
كما أن الكلمات التالية موجهةٌ إلى أولئك المعارضين السوريين الذين "لا يجلسون" تحت القصف، و"لا يتعرضون" مباشرةً إلى إجرام النظام، أي إلى أولئك المرفهين على بعد آلاف الكيلومترات، وهم يشربون الشاي، ويضعون مستقبل وطنهم في أيدي حفنةٍ من المتطرفين الوافدين والأجانب على الضفة الأخرى من الأطلسي (في تعبيرٍ صارخٍ عن حالة اليأس والفشل التي يرفضون الاعتراف بها).
قلنا لكلِّ هؤلاء الأخوة منذ البداية أنه لا توجد على الأرجح أي ضربةٍ عسكرية، وعلى من يود العمل في الشأن العام مقاربة الأحداث بعيداً عن الكيدية والجكر، وتحليلها بدقة وبعيداً عن المزايدات المراهقة. وحتى لو كانت هناك ضربةٌ فقد وقف كثيرٌ من السوريين ضدها استناداً إلى مبادئ قِيَمِية فرّط بها النظام (وكثيرٌ ممن يدعي معارضة النظام)، وبناءً على وقائع براغماتية واضحة (ولكن الحقد يعمي القلوب ويخرس العقول ويُدْمي الأوطان).
للأسف كانت معظم الردود طفوليةً وساذجةً وخاليةً من أيِّ محتوىً نقديٍّ أو منطقي، مجرد صراخٌ وشتائم وتخوين في إعادة استنساخٍ لنهج بشار الأسد الذي يبدو أنه نجح، وبكلِّ همجيةٍ، في شيءٍ واحدٍ فقط: حرق سوريا وتدمير عقول السوريين.
ربما خلال أيامٍ أو أسابيع سيخفُّ الحديث عن الضربة المفترضة، وسيعود أولئك المترفون إلى هوايتهم العجيبة في التباكي والندب، وفي الدعوة إلى استمرار المقتلة المجانية والضرب بيدٍ من حديد، وسيعودون إلى عادتهم المتأصّلة والنرجسية في تكبير الرأس، وفي شتم وتخوين كل من تسوِّلُ له نفسه السعي للوصول إلى "حلٍّ حقيقي"، فهؤلاء لا يدركون أن حل الكارثة السورية المعقدة لا يمكن أن يكون سحرياً، ولا يمكن أن يحدث في صورةٍ فورية.
وخلال أيام سيسكتُ أولئك المؤيدون الذين استيقظت حَمِيّتهم أمام التهديدات الأمريكية، وسيخلدون إلى النوم من جديد على وقع أصوات صواريخ السكود وطائرات الميغ وهي تدكُّ أخوتهم في الوطن، وهم يحلمون بالوثن الخالد وهو يكمل تخريب وتفتيت المجتمع السوري، ويبيع ما تبقى من سوريا إلى القوى الإقليمية والدولية. وخلال أيام سيتحوّل أولئك المعارضون الذين كانوا يقبّلون "مقعدة" أبو حسين أوباما، والذين كانوا يقدمون استعراضاً تافهاً للذل السوري المغموس بدماء السوريين، سيتحولون إلى جوقةٍ بائسةٍ من الأطفال الردّاحين الذي يشتمون أمريكا التي تدعم النظام (مع العلم أنها كانت المخلّص الذي سيزيل النظام ويدعم الثوار قبيل بضعة أيام)!
هذا التحوّل الفظيع والمثير للشفقة في خطاب وأداء هؤلاء المعارضين والمؤيدين هو جوهر المأساة السورية، وهو جوابٌ واضحٌ وصريحٌ عن السؤال الذي ما فتئوا يطرحونه هم أنفسهم على أنفسهم: لماذا تأخر النصر؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق