يبدو أن جنيف 2 سيغدو ملتقىً لالتقاط الصور التذكارية يجمع
أسوأ ما أنتجته سوريا: النظام والائتلاف.
الائتلاف الذي لم يتوانى عن المزاودة على عدم حضور جنيف،
والذي كان يخوّن كل من يود الحضور أو يتجرأ على الحديث عن حلول سياسية، ها هو الآن
يحضر جنيف وبكل وقاحة، وكأن صراخ وبعيق الليل تمحوه "أوامر" النهار!
الائتلاف لا يملك أصلاً القدرة على الرفض أو القبول، لأنه باختصار صنيعةٌ مشوهةٌ لقوىً
إقليمية تقول له ما يجب أن يقول أو لا يقول.
في المقابل هناك قوى سورية قليلة، وبغض النظر عن مواقف
أصحاب الصوت العالي منها، أثبتتْ أن بوصلتها لا تتعلق بحضور الاجتماعات، أو الابتسام
أمام الكاميرا، ولا تتعلق باقتسام السلطة على طريقة الكعكة الملوثة بدماء
السوريين. هناك قوىً سورية قليلة تملك مستوىً لا بأس به من استقلالية القرار وبعض
الكرامة والشرف، وهي قادرةٌ على أن ترى أن جنيف 2، بصيغته الحالية والبائسة، لن
يؤدي إلى أي حلول عملية، وأن المواطن السوري لن يلمس أيّ تغيّرٍ في حياته التي
باتت مشبعةً بأخبار الخراب والدم.
القضية ليستْ في الاعتراض على الحلول السياسية (عملياً
لا توجد حلول أخرى)، بل في غياب هذه الحلول السياسية عن طاولة جنيف أساساً، ليغدو
هذا المؤتمر مجرد تفاوضٍ عبثيٍّ بلا معنى، تحتل فيه سوريا والشعب السوري ذيل
القائمة.
حاصل هذا الكلام: إذا "الشعب السوري" المبثوث
خلف شاشات الفيسبوك سيبقى يصفق للائتلاف بعد كل هذا، وسيبقى يشتم القوى الأخرى
لأنها "خائنة"، وسيبقى محافظاً على ذاكرة السمك الفارغة، فمعناها أن
القضية ستطول وتطول. وباختصار، فاستمرار الأزمة السورية مرتبطٌ مباشرةً بتغييب
العقل عن شريحةٍ مُرَفَّهَةٍ من أبناء سوريا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق