ضد الاستبداد وضد التدخل العسكري


(عملٌ نحتـيٌّ للفنان خالد ضوا)

 موقفي الشخصي مما يجري في بلادنا (وموقف التيار الذي أنتمي إليه) معروفٌ لمعظم الأصدقاء والزملاء باعتباري "وطنجي" (على حدِّ قول البعض استهزاءً)، ولكن لا بأس من التوثيق، لأننا مسؤولون في هذه الدنيا عن مواقفنا أمام أنفسنا، وأمام أهلينا، وأمام وطننا، وأمام التاريخ الذي يسجل هذه الحقبة الأليمة التي نمرُّ بها.
منذ البداية وموقفي واضحٌ وضد سفك الدم في سوريا. ولأني منسجمٌ مع مبدئي، ولأني لا أعيش حالة نفاقٍ مضاعفة، فإن موقفي لا يتبدَّل تبعاً لهوية القاتل الذي يسفك الدم؛ سواءً كان بشار الأسد ونظامه، أو المعارضة المسلحة، أو التدخل الأمريكي، فقد تعددت الأسباب والقتل واحد على يد القَتَلَة على حساب دماء شعبنا وخراب بلادنا.
منذ البداية وموقفي واضحٌ وضد التدخل العسكري الخارجي في سوريا. ولأني منسجمٌ مع مبدئي، ولأني لا أعيش حالة نفاقٍ مضاعفة، فإن موقفي لا يتبدَّل تبعاً لهوية من يتدخل؛ سواءً كانت إيران أو حزب الله أو الخليج أو تركيا أو روسيا أو الولايات المتحدة أو مجاميع الشيشان والأفغان والليبيين والميليشيات العراقية وغيرها. ويعْضُدُ هذا الموقف، المستند إلى القِيَمِ السيادية، موقفٌ براغماتيٌّ واقعيٌّ ينطلق من حقيقةٍ أليمةٍ تقول: بأن هذا التدخل الخارجي لن يكون "حلاً" كما يروّج له البعض، ولن يردع النظام المجرم أو غيره من المجرمين، بل إن أثره سيكون سلبياً، حيث سيزيد من تعقيد المشهد، وسيزيد المقتلة السورية العَبَثِيّة التي تطحن سوريا والسوريين.
مواقفي هذه نابعةٌ من رفضٍ مطلقٍ لانتهاك واستباحة السيادة السورية. مع التأكيد على أن السيادة لا تقتصر فقط على مظاهرها الخارجية (مثلاً عدم وجود أجانب يستبيحون الحدود)، بل ترتبط أيضاً، وفي شكلٍ جوهريٍّ، بتحقيق "إنسانية المواطن" الذي يعيش في ظل هذه السيادة (حفظ حقوقه الأساسية ومنع انتهاكها والدفاع عنها). وعليه فبقاء الاستبداد والتدخل الخارجي هما وجهان لعملةٍ واحدة، ووصفةٌ خبيثةٌ لانتهاك السيادة واستباحتها. أما النضال ضد أحدهما فلا يستقيم دون نضالٍ موازٍ ضد الآخر، وكلُّ ما عدا ذلك فهو دورانٌ في حلقةٍ مفرغةٍ من العَبَثْ (بغض النظر عن كلِّ التبريرات التي قد يسوقها أصحاب الآراء العنفية وعرابّو الحلول مسبقة الصنع).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق