من دفتر الذكريات القريبة: عن هواجس البحث العلمي وندوة عام 2009




(اللجنة المنظمة للندوة. من اليمين: نبيل ولف، علي قلعجي، هند، ليزا بارينجتون، فاروق حديد، طلال الميهني، محمد خاطر، جميل زايد)

كم كان مؤلماً أن نعلم بأن جامعة حلب، وكنتُ طالباً فيها، تحتلُّ المرتبة 8000 على مستوى الكرة الأرضية! كم كان مؤلماً أن نسمع بأن القائمة التي تحوي أفضل 500 جامعة في العالم لا تضمُّ سوى جامعة واحدة من المنطقة الناطقة بالعربية!
كنّا مجموعةً من طلبة الدراسات العليا (دكتوراه وماجستير) في بلاد المغترب، نتقاسم هذه الآلام، ليجمعنا شعورٌ مشتركٌ بعدم الرضا وبالأسى على ما تعيشه بلداننا في المجالات العلمية والأكاديمية. كنّا نطرح التساؤلات في حواراتنا اليومية، محاولين ترجمتها في طموحاتٍ كبرى، ونحن نعيش على أملٍ ما بأن نتجاوز حالة الانحطاط والتراجع المعرفي.


في محاولةٍ أوليةٍ (وغير ناجحةٍ) في هذا السياق، قُمْتُ في آذار/مارس 2009، بالتعاون مع عددٍ من الزملاء، باستضافة ندوةٍ بعنوان (العلوم والبحث العلمي في الوطن العربي: التحدّيات والآفاق المستقبلية). كانت غايتنا مدفوعةً برغبةٍ صادقةٍ وعفويةٍ للارتقاء بالبحث العلمي الأكاديمي في جامعاتنا، وتأسيس شبكةٍ تعنى بالنهوض بواقعٍ مأساويٍ اعتدْنا انتقاده.
تمّت رعاية الندوة من قبل الجمعية العربية في كامبريدج (وكنتُ حينها رئيس الجمعية)، حيث أقيمت في "كلير كوليدج Claire College" في جامعة كامبريدج. وشارك فيها عددٌ من الباحثين والأكاديميين والخبراء العاملين في مجال التنمية والأبحاث من الناطقين بالعربية وغيرهم، كما حضر الندوةَ جمهورٌ من الطلبة والمهتمين.
انطلقت الندوة بكلمة ترحيبٍ بالحضور، تلاها محاضرةٌ للبروفسور رفيد الخدار من جامعة «ليفربول مور» قدّم فيها قراءةً للعلم المدوّن بالعربية في العصر الذهبي وفي عصور التدهور والتأخر. ثم ألقى الدكتور عماد الإمام، بالنيابة عن السيد عبد اللطيف الحمد مدير «الصندوق العربي للتنمية»، محاضرةً تحدّث فيها عن التحدّيات العامة التي تواجه العالم العربي مع بداية الألفية الثالثة. في الجلسة الثانية، ألقى الدكتور عدنان شهاب الدين محاضرةً ركّز فيها على التحدّيات التي تواجه العلوم، وخصوصاً البحوث العلمية. وفي الجلسة الثالثة قدّم الدكتور عبدالله النجار رئيس «المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا» لمحةً إلى عمل المؤسسة، إضافةً إلى مجموعةٍ من الأفكار التي يمكن لجيل الشباب المتحمس أن يسهم في تحقيقها. ثم أعطى الدكتور آصف دياب لمحةً عن التجربة السورية في دعم البحث العلمي من خلال موقعه كمديرٍ عام لـ «الهيئة العليا للبحث العلمي» في سوريا. وامتدت الجلسة الرابعة والأخيرة على مدى ساعتين، وشملتْ نقاشاً مفتوحاً تفاعل فيه الحضور مع ما عُرِضَ من أفكار.

(صورة تجمع المحاضرين المشاركين. من اليمن مع حفظ الألقاب: عماد الإمام، عبد الله النجار، عدنان شهاب الدين، آصف دياب، رفيد الخدار)

وقد أفضى اللقاء إلى مشروعٍ مقترحٍ لتأسيس ما أطلقنا عليه اسم "المجمع العلمي العربي" (في محاولةٍ لإحياء ظاهرة المجمعات العلمية التي كانت منتشرةً في المشرق العربي في بدايات القرن الماضي، قبل أن تصبح هذه المجمعات مقتصرةً على اللغة العربية). وللأسف لم يكتب لهذا المشروع أن يستمر، وذلك لأسبابٍ كثيرةٍ سأعمل على تفصيلها في مقامٍ آخر.



(صورةٌ تجمع اللجنة المنظمة للندوة مع المحاضرين المشاركين.)


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق